الميزان القسط

قبل أن تخرج من بيتك اليوم

اسأل نفسك هذا السؤال

هل أنت من المقسطين ؟؟ هل تعرف ما هو الميزان القسط ؟؟

هل تعرف حكاية الرجل صاحب المملوكين ؟؟

حسنا نحكى الحكاية أولا

جاء رجل من المسلمين لرسول الله "صلى الله عليه و سلم"

يسأل يا رسول الله

عندي مملوكين و هما يسرقاني و يغشانني

و أنا أعاقبهما و أقتص منهما و اضربهما

فما هو حالي عند ربى فيما أفعل بهما ؟؟

فرد "صلى الله عليه و سلم"

حسنا إن كان إن كان عقابك أقل مما يستحقان

فلك الفضل

و إن كان عقابك لهما مساويا للخطأ الذي يأتيانه

فالقصاص عدل ليس لك فضل و لا عليك حساب

و إن كان عقابك أشد مما اقترفا من الخطأ الذي ارتكباه

اقتص الله لهما منك

و تلا "صلى الله عليه و سلم" الآية 47 من سورة الأنبياء

"و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئا و إن كان مثقال حبة من خردل

أتينا بها و كفى بنا حاسبين " رواية الحديث في الترمذي

فبكى الرجل بكاء مرا و أصابه الذعر

فما يدريه إن كان قصاصه عدل أو فيه جور

و قال يا رسول الله هما حران لوجه الله لعل الله يرحمني إن كنت أسأت

سبحان الله

أعتق العبدين لخوفه من قصاص الله

فمن منا ساعة الغضب يعرف إن كان حاسب بالعدل أم جار على أخيه

إننا عندما نؤذى في أموالنا و أنفسنا لا نرى إلا حقوقنا

و النفس تكون من الشراسة أحيانا بحيث تطوع لك القطيعة و الهجر و الغضب الشديد

بغير تأنيب ضمير بل و تيسر لك تصديق الفكرة انك فقط تأخذ حقك

و يوم القيامة إذا نصبت الموازين القسط تجد نفسك قد أسأت و تجاوزت الحد

فانظر كيف خاف الرجل

هذه و الله حساسية من تربوا في مدرسة النبوة

علموا أن ميزان العدل لا يكون إلا في يد الله أما نحن فلا

و انظر هذه القصة أيضا لسيدنا على رضي الله عنه

كان يقاتل رجلا من الكفار و كان الرجل مقاتلا شرسا و سيدنا على له كفء طبعا

فهو مقاتل شديد و من أسود الله الأشداء

و قاتل سيدنا على بقوة الحق و يقينه حتى صار فوق الرجل و على وشك أن يقتله

فبصق الرجل في وجهه ,كرم الله وجه من لم يسجد لصنم قط

و أول من أسلم من الأطفال ابن عم رسول الله و زوج ابنته

فماذا فعل سيدنا على رضي الله عنه

لقد قام عن الرجل و لم يقتله

فراجعوه لم يا ابن عم رسول الله كيف تتركه ؟؟

فقال رضي الله عن

كنت أقاتل في سبيل الله حتى بصق في وجهي

فخشيت أن أكون قاتله انتصارا لنفسي لا لله و دينه و رسوله

لا إله إلا الله ما هذا الورع

ما هذا العدل الذي لا يراد به إلا وجه الله

لا أهواء لا أمزجة لا رؤية للنفس

بل تحرى بدقة لكل معنى من معاني تصرفاتهم و توابعها

وضوح و رؤية أهل الحق الأقوياء

تربية رسول الله "صلى الله عليه و سلم"

ترى كم مرة حاسبت موظف أصغر منك بشدة على خطأ و بالغت في العقاب لمجرد

انه لم يقف لك و أنت تدخل و لم يبدى لك التوقير المطلوب

ترى كم مرة ضربت الخادمة لأنها كسرت لك شيئا غاليا و أمعنت في ضربها

لتغير مزاجك في هذا اليوم

كم مرة دخلت من العمل و وجدت والد زوجتك و عاملته بجفاء لمجرد أنك

و زوجتك مختلفان فعاقبتها هي ثم عاقبتها في أبيها

كم مرة أوغرت صدر أولادك على جدودهم لأبيهم لمجرد أنك تحملين في صدرك

وساوس قديمة منذ بدء الزواج فعاقبت زوجك بقطيعة أهله ثم أمعنت في الانتقام في الأولاد

هل تقيم الميزان القسط لنفسك في تعاملاتك مع من حولك قريب أو غريب

أم.....؟؟؟

اجعل عهدك مع الله من اليوم و حتى يأتي موعد لقاء حبيب الله

صلى الله عليه و سلم

قبل أن تخرج من بيتك كل يوم و في كل فرصة تتاح لك

أن تتذكر أنه سيأتي يوما تقام الموازين القسط

و يكون الله هو الحسيب

فحاسب نفسك قبل أن يحاسبك الله فعنده علم السر و أخفى

و أن تتذكر الحديث القدسي الذي يقول فيه المولى عز و جل

"يا ابن آدم إن شئت حاسبت و حاسبتك على ذنبك و إن شئت عفوت و عفوت عنك"

و أن تتذكر أن الله يحب المحسنين

فكن من أهل الإحسان تقربا لربك و رغبة في رضوانه

و حماية لنفسك من يوم تنشر الصحف و تحاسب حسابا دقيقا

على كل ما أحصاه عليك رب العالمين

أسأل الله الكريم الرحيم

أن يرزقك البصيرة التي تمكنك من مراقبة نفسك في السر و العلن

و أن تكون من أهل العدل في الرضا و الغضب

و أن تصل من قطعك و تعطى من حرمك و تفشى السلام

و تزرع في قلوب من حولك العفو و الوئام

و أن تكون من أهل الرحمة و اللين و الشفاعة الحسنة الطيبة لكل الأنام

آمين يا رب العالمين